23 Mar
23Mar

كنت في سيارتي أنتظر تحول الإشارة الضوئية إلى الأخضر..كانت الشمس في مواجهتي، ووهجها الحارق يزعجني بالرغم من نظارتي السوداء؛ فأخذت أجول بعيني في تململ هنا وهناك، فوقع بصري عليهما عبر المرآة الوسطى!
كانا يجلسان في السيارة التي تليني مباشرة، والشمس - المواجهة لهما بدورهما - تُظهر لي بوضوح المشهد الذي جذب انتباهي بقوة..
هو يرتكز بيديه على عجلة القيادة ويتحدث بانفعال - يصل إلى حد الصراخ أحيانا - دون أن يلتفت إليها مرة واحدة؛ ففهمت أنه يتحدث عبر هاتفه الخلوي مستخدما سماعة أو ما شابه، خاصة أنها كانت تجلس بجواره تحدق إلى الأمام بنظرة صامتة لا تحمل أدنى انفعال..
مرت لحظات ليست قليلة، تنبهت بعدها مع زيادة انفعاله وإشاحته بيده والالتفات إليها من حين إلى آخر أنه لا يحمل هاتفا ولا يعلق سماعة في أذنه.. بل يحادثها هي.. هي بالذات!!
انتابتني الدهشة الشديدة؛ فهي - رغم انفعاله المتصاعد - لا تحرك ساكنا!
قلت في نفسي: لا بد أنها من النوع الهادئ الذي يستطيع مواجهة انفعال الآخرين ببرود أعصاب يُحسد عليه!!
ومرت لحظات أخرى - هل حقا كانت كذلك؟! - قبل أن ألمح فجأة تلك الدمعة الحارة التي انسابت فجأة على وجنتها..فس اللحظة التي تحولت فيها الإشارة الضوئية إلى الأخضر، وقبل أن أنطلق في طريقي، فرت دمعة تأثر مرتجفة من عيني أخفتها نظارتي السوداء!
عفوا سيدتي.. كنت أظنكِ بلا إحساس.. بينما كنتِ كَبَحرٍ هادئ السطح تصطرع الحيتان في باطنه!!!

-تمت-

تم عمل هذا الموقع بواسطة