23 Mar

محمد الناغي:

بداية، من المعلوم سلفا، أن القاضي لم يكتب بحثا تاريخيا، بل رواية أدبية، لذا لا مجال لمراجعة العمل إلا من الزاوية الأدبية.

مع السطور الأولى، بدأت عيناي القراءة، بعد زمنا لم أتبينه، فوجئت أنني أنهيت ما يقرب من ربع الرواية، وتولد انطباعي الأول، أسلوب سرد الكاتب تلقائي سلس شديد الطبيعية، بلا تكلف أو زخارف لغوية، أحيانا حينما تقرأ تقابل عيناك مطبات من الكلمات تستوقفك أو تبطئ من حركتها، مع القاضي تنساب قراءتك معه بنفس سهولة انسياب أناملك على الحرير.
برغم أن الرواية أدبية، إلا أن الكتابة في مادة تاريخية شديدة الإرهاق لللكاتب، فيكبح التاريخ من انطلاق خياله، لكن القاضي فعلها ببراعة.

لأن الكتابة متقنة، فمن الطبيعي أن يشحذ القاريء ذهنة مع أحداث الرواية، ولذلك انتابني الارتباك مع بداية الفصل العاشر، حين تناقضت الأيام الخمسة التي قضاها بطل الرواية في الزنزانة، مع ايومين الآخرين الذين قضاهما مترعا يسترجع صحته، ربما يجدر معالجة ذلك في الطبعات التالية بإذن الله.
اختيار شخصية عبد الله بن حذافة السهمي بالذات يدل على عين مميزة متمحصة للكاتب في قراءة التاريخ، مع ذلك، شخصية هذا الصحابي الجليل من أبرز سماتها، الدعابة؛ ليست مجرد الدعابة القولية، بل انه رضي الله عنه اشتهر بالمداعبات (الفعلية)، أي التي يحيك لها سيناريو ثم يشرع في تنفيذه، مثل حادثة أمره لأصحابه – متصنعا الجدية- بإلقاء أنفسهم في نار أشعلها، أو واقعة محاولته اضحاك رسولنا الكريم (ص) حينما حل حزام راحلته- صلّى اللهُ عليهِ وسلّم - في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله (ص) أن يقع. مثل هذا المزاج المؤثر جدا في شخصية الصحابي الجليل، جرى ابرازه دون تركيز الضوء عليه، إلا من اشارات خاطفة لدعاباته اللفظية فقط، دون ابراز ذلك في نواحي سلوكه.

الفكرة جذابة، والتدفق طبيعي بلا تكلف، ، برغم كونه يكتب في موضوع تاريخي؛ المفترض أنه معروف سلفا؛ إلا أنه استطاع مفاجأتي في معظم مشاهده.

قلائل أيضا الكتاب الذين يضيفون لقرائهم في حصيلتهم اللغوية، الكاتب فعل ذلك بلا (تقعر).
الكاتب ماجد القاضي، إن جاز لي وصف انطباعي بإيجاز، لقد أستمتعت بالقراءة إليك..

تم عمل هذا الموقع بواسطة